
بعد إعلان البشير متى عن حقيقة أنَّ بعض التلاميذ قد ’’شَكُّوا،‘‘ يعلن بعدها مباشرة:’’فَتَقَدَّمَ يَسُوعُ وَكَلَّمَهُمْ قَائِلًا، ’دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ‘‘ (مت 28: 18). يتم ذِكر عملية التقدُّم في الأناجيل 86 مرة، وفي معظم الأحيان يكون ذلك عن تقدُّم الناس إلى المسيح. بينما يتم ذِكر تقدُّم المسيح ثلاث مرات فقط في حالة مرض وموت وشك.
فتَقَدَّمَ المسيح مرة في إنجيل مرقس لشفاء حماة بطرس (مر 1: 31)، وتَقَدَّمَ مرة في إنجيل لوقا لإقامة شاب من الموت (لو 7: 14). وتَقَدَّمَ مرة في إنجيل متى عند الإعلان عن شك التلاميذ (مت 28: 18). فإن تقدُّم المسيح هو إشارة إلى التشديد على أهمية ما يقوم به. فعندما يكون هناك مرض ويتقدَّم المسيح، يصير شفاء. وعندما يكون هناك موت ويتقدَّم المسيح، يصير قيامة. وعندما يكون هناك شك ويتقدَّم المسيح، ينبغي الانتباه لما سيقوله.
يعلن المسيح أنَّ الشفاء من الشك يتم عن طريق التمسك بسيادته على أساس أنَّ كل سلطان في السماء وعلى الأرض قد دُفع إليه. هناك عدة معانٍ لهذا الإعلان.
- ليس هناك من آخر دُفع إليه هذا السلطان غير المسيح. ليس هناك أي رئيس دولة، أو أي لجنة، أو أي فيلسوف، أو أي نبي، أو أي إنسان آخر.
- إن هذا الإعلان هو تتميم لنبوات العهد القديم على مثال نبوة دانيال ( دا ٧: ١٤ ):
فَأُعْطِيَ سُلْطَانًا وَمَجْدًا وَمَلَكُوتًا لِتَتَعَبَّدَ لَهُ كُلُّ الشُّعُوبِ وَالأُمَمِ وَالأَلْسِنَةِ. سُلْطَانُهُ سُلْطَانٌ أَبَدِيٌّ مَا لَنْ يَزُولَ، وَمَلَكُوتُهُ مَا لاَ يَنْقَرِض.
- إنَّ دفع السلطان للمسيح هو تعبير عن انتصاره على مشكلة الإنسان. فإنَّ هذا السلطان هو مُلك المسيح سرمديًا، ولكنه يُدفع له بطبيعته البشرية. فحتى يُدفع إليه السلطان كان عليه المجيء إلى الأرض بالتجسد، ثم الانتصار على الموت بالقيامة، ثم الصعود إلى الآب وصعود كل المؤمنين معه في هذا الانتصار.
- إنَّ عدم اختبار سلطان المسيح ومعرفة قوته سببه الاستسلام السريع عند تجارب الشر والألم والشيطان.
- إنَّ من علامات الاستسلام السريع اللجوء لسياسة الباب المغلق. فكثيرًا ما يعتمد الناس على الباب المفتوح لمعرفة مشيئة الرب، بينما معظم الأحيان تكون مشيئة الرب هي الباب المــُغلق والمستحيل. إنَّ الرب يختص بالأبواب المغلقة!
- كما أنَّ ضخامة الدعوة للاستعداد لدفع أعلى ثمن هي أكبر مصدر لاختبار الشك، هي أيضًا أكبر فرصة للنمو في اليقين!
المصدر: كتاب عماد شحاده، أيثق الله بك… أنك تثق به؟ الجزء الأول: الأخطاء الشائعة عن الشر والألم (بيروت، لبنان، دار منهل الحياة، ٢٠١٩)، والفصل الأول بعنوان ’’مشكلة الشك.‘‘